كربلاء – جاسم محمد حمزة الجبوري
عندما نريد التحرّي واستقصاء الحقائق والمعلومات عن موروثنا الحَضاري فسنجد أنّ العراق بلد غني بالآثار القديمة منها والحديثة وهو يحتل المرتبة الأولى بين الدول في هذا الجانب نظراً لما تَعِجّ به البلاد من آثار عدة ذات هياكل هندسية معمارية رائعة جداً في شَمالها وجَنوبها وشرقها وغربها وكلّ ما محسوب على هذه الزّاوية فهو يَكْشِـــف عن وجهه لِيَعْرِف القاصي والداني أنّ العــــــراق حَضارة أصيلة لديها من القُدْرات ما يدفعها إلى التجدّد في كلّ زمان ومكان . ومن هذا الموروث الذي شَهِدْناه والذي يقع في محافظة كربلاء وبالتحديد في مِنْطَقة الوِنْد هو قلـعة الســـيد قاسم الرُّشْدي الذي باشر ببنائها في نهاية القرن الثامن عشر واتّخذها مكاناً يستقر فيه لتنظيم أُمور المقاطعات الزراعية العائدة له في مِنْطَقة الوِنْد ، وكان بوساطتها يستقبل الوافدين إليه لزيارة قبر الامام الحسين(رض). وشهادة للتأريخ أنّه من مزايـــــا السيد( قاسم الرُّشْدي ) مُشيِّد هذه القلعة كما جاء في الرِّوايات الموثوقة أنّه كان يقوم بإشعال النيران للدّلالة على وجود الضِّيافة الدائمة لدى صاحب هذه القلعة وإمكانية إطعام الطعام لكلّ مَنْ تدوس قدمه قلعته في أيّ وقت كان . وبالإضافة إلى ذلك فإنّها كانت مأْوى لثوار سنة (1920م) وقد شارك أبناؤه وخاصة السيد(أحمد وفي قاسم الرُّشْـدي) بثورة العشرين عِلاوة على ذلك كانت القلعة مركزاً لاستضافة كبار المسؤولين ورجال الدين في العهد الملكي وعهد الزعيــم (عبد الكريم قاسم) وحِقْبَة حكم عبد السّلام عارف وأخيه عبد الرَّحمن وما زالت على هذه الشاكلة حتى هذا التاريخ . تَبْلُغ مِساحة القلعة مع البُسْتان (15دونماً) أمّا البُسْتان فيتألف من أشجار ونخيل مثمرة متقدمة في العمر ، ومن حيث المَوْقِع الجغرافي فإنّها تقع ضمن الرقعة الجغرافية لناحية الحسينية في مِنْطَقة الوِنْد ، وتَبْعُد عن مركز المدينة (كربــــــلاء) نحو (20كم) وَصِنْف أرضها وَقْف خيري للسيد (قاسم الرُّشْدي) ، وكان للقلعة بابان كبيران من الخَشَب أحدهما يُطِلّ على نَهْر الوِنْد وشارعه المبلط والآخر قُبالة الباب الأولى أيْ إلى الخلف من النَّهْر والشـارع المذكور وقد استبدلتا بالحديد مؤخّراً . وبعد السيد(قاسم الرُّشْدي) انتقلت خلافة القلعة لِتُصْبِح محلاًّ لإقامة السيد(محمد مهدي الرُّشْدي) ودائماً كانت هذه القلعة مكاناً لفضّ النِّزاعات العشائرية ومحطّة لقاء للشعراء والأدباء والمثقفين أمثال الشــيخ الشاعر(أحمد العلاوي) والشاعر(مجيد الهر) والشاعر(أبو المحاسن) أحد المقربين إلى السيد قاسم الرُّشْدي ، وأيْضاً كانت في هذه القلعة تُقام التعازي بمناسبة ذِكْرى وَفَيات الأئمة الأنقياء وعلى رأسهم الإمام الشهيد الحسين (رض) وتلك القلعة مازالت تُحْيى الآن مقراً لأحفاد السيد(قاسم الرُّشْدي) وأذكر في مقدمتهم السيد(حُسام الرُّشْدي) والسيد(سمير الرُّشْـدي) والسيد(حسين فيضي الرُّشْدي)وغيرهم من الأحفاد ,أذ يلتقون في أروقتها للتباحث في أُمورهم بين آونة وأخــرى.