جاسم محمد / كربلاء
قيل شهر رمضان سمي بهذا الاسْم ؛ لأنّهم لمّا نقلوا أسماء الشُّهور عن اللُّــغة الـقديمة سَمَّــوْها بالأزمنة التي وقعــت فيــها فوافق هذا الشهرُ أيّامَ رَمَضِ الحرّ فَسُمِّيَ بذلك، وفــي كلِّ سنة وتــرى المسلمين يســتقبلون هذا الشهر الـفضيل بالـحفاوة ؛ لأنّه يختلف عن بقية شُهور السَّنَة اختلافاً شامــلاً وذلك لِــكَوْنه شهراً اصــطفاه الله لِيُـنْزِل فيه القرآن الكـريم على صدر خير خَلْقه سيدنا ونبينا محـــمد بن عبد الله(ص) المبــعوث إلى خير الأمـم ، ومن هــذا الباب أصــبحت لشهر رمضان مَنْزِلة وقدسية لدى المسلمين أيْنما كانـوا ، وبالتزامن مع حلولــه علينا تبــدأ لعلماء الديــن وخطباء المســاجد والــجوامع حملة مكثفة من التوجيه الديني الذي يَنْفَرِد بالحثِّ على مراجعة النفوس وَوَضْع حــدٍّ للخلل المتراكــم في أعماقها والذهاب بنوايا صادقة لرسم طريق جديد يتعين على المسلم أنْ يُعْلِن فيه توبته النَّصوح إلى بارئه ، والتوبة في الرأي المتفق عليه مقبول إعلانها في أيِّ وقت ، لكـــن إظهارها في هذا الشهر حصراً له ثـِـقْلُه الكبير عند الله تعالى ، ومــن الأمْنِيَّة أنْ ينــتهز المواطن والمسؤول على حَدٍّ سَواء فُرْصَة هذا الشهر العظــيم الذي خصــصه الله لإطاعتــه ولاستغفار ذنوب عبــاده لا من جانب العناية بالعبادة فقــط ، بل يجب على كلٍّ منهما البَدْء بمراجعة نفسه مــراجعة شاملة لِوَضْع نهاية لأخطائه ومفسدته والتي هو على قناعة تامَّة أنّها تَضُرُّ بالمجتمع ومصــلحة الأمة وإلّا فما الفائدة من الـــكلام والحديث الرَّنّان من دون النزول في المَيْدان للبرهنة على مصداقية ما قيل .
إنَّ الظرف الاستثنائي الذي نحن فيه يُلِحّ لنجعل من شهر رمضانَ المبارك من هذه السَّنَة شهراً لغسل القلوب من أجل العودة بالوطن إلى أرض السَّلام والتخطيط لمستقبــل زاهر لأبنــائه الّذين عانوا الأمرَّين ، وتلك الدعــوة المنبعثة من أجــــواء هذه المناسبة هي موجهة إلى الساسة العراقيين قبل غيرهم للعمل على نَبْذ خلافاتهم والتنازل عن مَصالِحِهم الشخصية وتغلـيب مصلحة الوطن عليها ، وَمَنْ يكن يَصْدُق في الحديث بأنّه من المحبين للرسول وصَحابته وآل بيته النزهاء فلماذا لا يَجِدُّ في سبيل إحياء هذه الفضيلة كي يسجل موقفاً نبيلاً يُذْكر له في التأريخ؛ لأنّ الله تعالى أوصانا بالإحسان ومحاربة النقيصــة من لعن وسب وشَتْم واغتصاب ونهب للمال وتفجير وَقَتْل على الهُوِيَّة وتفريق وطائفية وما إلى ذلك من النقائص المـريعة التي يندى إليها الجبين.
أخذ الله بيد كلِّ مَنْ يعمل من رمضاننا هذا من حكومة وشعب بمختلف طوائفه ومعتقداته الدينية مواقف نبيلة تنير الطريـق وتبني لأجيالنا حياة مغمورة بالسعادة والمحبة الدائمتين بداية للانقلاب على المواقف المخجلة والتي من طريقها لا يُمْكِن أنْ يتوب الله علينا إلاّ بالتوبة والرجوع عن الذنب.