معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين بالرقم 1853

الجهل .. 

حجم الخط

أ. د. محمد طاقة

استوقفتني مقولة للاديب والشاعر والروائي العالمي الفرنسي فكتور هوغو ، والذي عاش خلال الفترة (١٨٠٢) وتوفي في مايو من عام ( ١٨٨٥) ، ويعتبر من ابرز أدباء فرنسا في الفترة الرومانسية ومن اشهر اعماله رواية البؤساء ورواية احدب نوتردام ، يقول فكتور هوغو ( تبدأ الحرية حين ينتهي الجهل ، لان منح الحرية لجاهل كمنح السلاح لمجنون ) ..

هذه المقولة البليغة وذات الدلالات العميقة والتي تنسجم تماما مع افكاري ومع كل ما كتبته عن الجهل والتخلف والذي اعتبرتهما سببا لكل مآسينا ومشاكلنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وهي التي مكنت اعدائنا علينا ، هذه العبارة الموجزة تصف تماما حال الامم والشعوب وبالذات المتخلفة منها ، وفي جميع مناحي الحياة ، والتي تنطبق الى حد كبير على واقعنا الكارثي في العالم العربي ، وعلى وجه الخصوص في عراقنا الحبيب ، حيث سلم الغزاة المحتلون العراق الى ايران الملالي ، المتخلفون والجهلة ، وجاءوا أسوأ ما موجود على وجه الارض من جهلة ومتخلفين ، يتحكمون بادارة أمور البلاد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، والذين اوصلوا البلاد الى أسوأ حال ، بل قاموا بتدميره تدميرا شاملا ..

فالجاهل هو الانسان الذي ابتعد عن منهج الحياة السوي ، وابتعد عن كل القيم والمبادئ والاخلاق السائدة في المجتمع كون الانسان الجاهل يكون عديم الوعي وقليل العلم والفهم ولا يعي ولا يدرك ما يحيط به من امور الحياة ومتطلباتها والعلم والتطور وليس لديه القدرة على التعلم والتطور ، وهو في الاساس ضد العلم والتطور ..

لذلك فالانسان الجاهل لا يعرف الحق ويخوض في الاتهامات وانتهاك الاعراض والشرف ، فالنفس الجاهلة تكون ظالمة تعتدي على الناس بالقول والفعل ، وهكذا فأن الجاهل يكون اقناعه سهل جدا بالدين والمذهب لان عقله فارغ وخاوي تماما من كل شيء يمت بالمعرفة ..

لذلك يكون الجاهل سريع الغضب ولا يعترف بما انعم الله عليه ، والانسان الجاهل هو الانسان الذي لا يميز بين الخطأ والصواب ، وينزلق في اعمال السوء بكل انواعها من موبقات هذا الزمان الرديء ، والمرفوضة اجتماعيا واخلاقيا ، ويمكننا القول ان الانسان الجاهل هو جاهل العقل والسلوك والتدبير ..

فالخطورة تكمن عند وضع الجاهل والجهلة في موقع المسؤولية ، اية مسؤولية كانت في المجتمع على مستوى الاحزاب والمنظمات او على مستوى الدولة ، فسوف يسبب الضرر لمن حوله والضرر سيكون عظيما اذا وضع الجاهل في مسؤولية الدولة فستكون مجمل قراراته خاطئة ، وبسبب جهله سوف لن يتمكن التميز بين الصواب والخطأ ، وبين ما هو لصالح البلد أم ضد تلك المصالح ، وبنفس الوقت ليس لديه القدرة على التطور والتطوير ومعرفة ما يدور من حوله سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، وما وصلت اليه العلوم المختلفة ، واين وصل العالم من التطور والحداثة ..

لقد صدقت ايها الفيلسوف هوغو ..

فاليوم نحن نعيش في العراق مأساة هيمنة الجهلة على العراق الحبيب وقد تجاوزوا بتصرفاتهم كل جهلة العالم ، جهلة من نوع خاص وفريد !!

لقد دمروا كل شيء في بلدنا وسرقوا ثرواته وتجاوزوا بكل وقاحة على القيم والعادات والتقاليد التي توارثناها من اجدادنا العظام واشاعوا التخلف بكل اشكاله ودمروا التعليم والصحة وقطاع الخدمات ، وجوعوا الشعب واهانوه ، وزادت نسبة الفقر ، وتجاوزوا على حقوق الانسان فيه ، وزرعوا الطائفية والاثنية ، ودمروا مدن بكاملها ، وهجروا اهلها ، ومارسوا كل الموبقات المعروفة وغير المعروفة ، فهم يتفننون في تدمير البلد وسرقته ..

وملأوا السجون بالشرفاء والنبلاء من ابناء بلدنا ، وملأوا ارض وسماء بلادنا كذبا وتضليلا وتدجيلا ، وهجروا وقتلوا من علماء ومثقفي بلدنا الكثير ، وقضوا بذلك على الطبقة الوسطى في المجتمع ..

فضاعت الحرية في بلدي العراق بسبب هؤلاء الجهلة ..

كما سلمت امريكا ومن معها السلاح بيد هؤلاء المجانين ، فعلى الشعب العراقي البطل ان يثور ويقضي على هؤلاء الجهلة لينال حريته ..

صدقت ايها الفيلسوف هوغو ..

تقبلوا تحياتي ..

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *