معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين بالرقم 1853

مثلما تُحْيون ذِكْراه فأُحيوا هَدْيه

حجم الخط

بقلم: جاسم محمد حمزة الجبوري

في كلِّ الذِّكْريات السَّنوية المتواترة لاستشهاد الإمام الحسين (رض) والتي تصادف في العاشر من محرم (يوم عاشوراء) يجدد الكربلائيون ومعهم إخوانُهُم من باقي المحافظات الأخرى ودول العالم الإسلامي وبعد أنْ يمضي على استشهاده أربعون يوماً حفلاً تأبينياً يُنْصب على روحه الطاهرة البريئة التي اجتمعت على ازهاقها فئة باغية خارجة عن دين الله يُعَبَّر عنه بأربعينية الإمام الحسين وبحلول هذين اليومين العاشر والأربعين تتوشح المدينة بالسواد وتحتجب دوائرها عن الدوام الرَّسْمي مواساة للمسلمين الّذين يُقيمون من كربلاء مأتماً في المناسبتين العظيمتين تُسْتَذْكر بأجوائه السِّيرَة العطرة لإمام ألِفَ قلبه النقاء والكرم والصَّفْح على الحقِّ الذي من أجله أرْدي قتيلاً في سبيل الله تعالى في صحراء كربلاء التي احتلت منذ ذلك التاريخ مكانة عالمية في القدسية ؛ لأنّها أصبحت مَوْضِعاً يَضُمّ إليه قبر الإمام الحسين بن علي (رضي الله تعالى عنهما) .

وقد أعطى فَناء الإمامِ الحسينِ وَصَحابَتِهِ لأنفسهم دليلاً يكفي لِيُفْصِح عن شَسْع الاهتمام والانشغال بأمور الآخِرة وإيثارِ كلِّ ذلك على مَتاع الدنيا التي بحكمتهم اتخذوها محطة لتسطير العمل الصّالِح وَفَرْضه على أرض الواقِع، فعندما أخفي فيه العَدْل وانتهك فيه فيما لا يَحِلُّ انتهاكه ثار الإمام الحسين ملبياً لنداء الأغلبية الصامتة التي راسلته من العراق للبيعة في محاربة الطغيان ، واحتراماً لإرادتها ظَعَنَ متوجهاً إلى كربلاء التي حَلّ في صحرائها نزيلاً لمدة عشرة أيّام تخلّى عنه خلالها جميع مَنْ راسلوه وأنّها لحالة حَرِجَة انطلت عليه وكانت سبباً في دَفْعِه للطلب من ممثلي السُّلْطَة هُناك بالسماح له بالرجوع لكنهم تأبّوا عليه , بل حبسوه للقَتْل حتى قُتِل ومعه على ساحة المعركة أنصارُهُ كلُّهم قتلى ذَبّوا عن حدود الله تعالى لكي يجعلوا من الإنسانية في وقت لاحق أنْ تستوي على نفس الأخلاق ومن غير انقطاع في تقديم العطاء والتضحية انتصاراً من أيِّ شرّ يهدد كينونتها وحريتها التي لا تقدر بثمن فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .

وعلى هذه الشاكلة سَيَكْمُل الإحياء لسيرة الإمام الحسين(رض)، ولِلْعِلْم بِعَدا هذه الطريق لَمْ تَطَّرد الحياة وقُبالة ذلك سوف يترك الانتهاك الإنساني ساري المفعول إلى يوم يبعثون، وللشرع الإسلامي رأي آخَر في قضية إحياء الذِّكْرى وإحياء السِّيرَة فَيُصَنِّف الأولى من المُسْتَحَبّات والثانية من المُوجِبات واستناداً إلى ما سُنَّ فمثلما نُحْيي سنوياً ذِكْرى استشهاده كذلك يجب إحياء سيرته وتفسيرها بلسان آخَر في ميادين عملنا وبالشكل الذي يُثْبِت لأنفسنا التخلّي من التشبث بالقشور التي لا قيمة لها قياساً باللُّب أوْ الشيء الخالص ، ولعلّي من هذا التنظير قد أصبت بقلمي الرَّمِيَّة أوْ الهدف المتوخى.

 

 

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *