معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين بالرقم 1853

الكَهْرُباء في زمن الحرية

حجم الخط

بقلم : جاسم محمد حمزة الجبوري / كربلاء

بعد تَحَوُّل العراق من نظام شمولي إلى نظام ديمقراطي أصبح من أكثر بلدان العالم مصائبَ وجِراحاً ، وكلُّ هذه الأحزان يؤول سببها إلى الأزمة الأمنية الحادة التي انتقلت بالبلاد إلى الوراء وقلبته رأسا على عَقِب بين ليلة وضحاها في حين كان قسم كبير من الشعب يستبشر خيراً من هذه التَّجْرِبة أوْ النظام الديمقراطي الجديد استناداً إلى التصريحات التي تَصْدُر عن أفواه المسؤولين لاسيما فيما يتعلق منها بالتأكيد على النظر في حقوق الانسان واحترام حريته في التعبير عـن الرأي، والكَهْرُباء حقّ مهم جداً من بين هذه الحقوق والتي الأغلب منها احتجب عن المواطن ولا نَـــعْرِف مـــاذا سيـــكون مصير هـــذه الحقـوق ولاسيما الكَهْرُباء التي هي الأهم من بينها فهي منذ سنة 2003 م إلى غاية هذا التــأريخ تعــــــاني مــن شلل كلّــي بالرُّغْم من حجم المال الكبير المُعَدّ لهذا القِطاع حَسَب ما يقال في وسائل الأعلام أوْ وَفْق ما مثبت بشكل رَسْمي فـــي وزارة الكَهْرُباء وإلى الآن ما زال هذا القِطاع يراوح في مكانه وليس هُناك من منقذ أوْ مــنتشل لحـــــاله الــذي لربــّـما في المــرحلة المقبلة قد يوشـك على الاحتضار إذا لَمْ تنظر الحكومة إليه بعين الإخلاص والمتابعة الرحيمة.

وإنّه يكون من حُسْن الحال عندما تقف الحكومة على مسافة واحدة من جميع القِطاعات التي تشترك كلَّها في بـــناء الدولة والمجتمع وكما تُقَدِّم الدَّعْم للمؤسسات الأمنية يجب أنْ تتركز جهودها على تطوير هذا الِقطاع وإنصــافه بدلاً من إهماله وعدم متابعة القائمين عليه بصورة تُرْضي الله والضمير .

الكَهْرُباء من أوَّل يوم من عمر هذه الحكومة وإلى وقتنا هذا ما زالت عالقة في عُنُق الزجاجة وطريقة النجاة من ذلك تتطلـب من الحكومة أوَّلاً وقبل كلِّ شيء إعادة النظر في هيكلية الطّاقِم الكَهْرُبائي أيْ طَرْد العناصر الفاسدة من القائمين والمشـرفين على هذا القِطاع سَواء كان منهم بدرجة وزير أمْ مدير عامّ فما دون واحالتهم إلى القضاء فوراً ومحاسبتهم بمرأى ومسمع من الشعب على الاستمرار في الكَذِب عليه والهَدْر في المال العامّ الذي يذهب مُعْظَمه في الجيب الخاص واستبدالهم بعناصر في درجة عالية من الأمانة والاقتدار على تطويق الأزمة والخروج بحلول شافية لأمر الكَهْرُباء الذي اشتد واســتغلق لأكثر من عقدين كالشروع بتأهيل بِنْيَة كَهْرُباء على غِرار البِنى المعمول فيها في الدول المتطورة لِمِنْطَقَة الشرق الأوسـط علـــى الأقل ومن النوع المقاوم في التشغيل لثمانين سنة أوْ أكثر من ذلك والقابل للتجديد من طريق الإدامة المستمرة إنصافاً لهـــذا الشعب المظلوم في كتب التأريخ.

ولاستدراك ما فات على الحكومة أنْ لا تتراجع عن العمل بهذا المــقترح الــذي لا بديل له في فَتْح العُقْدة وحــلِّ الكــثير مـن الألغاز؛ لأنّ الشعب في كلِّ زمان ومكان يطالب بالخِدْمات من سكن وتوزيع كَهْرُباء علــى مدار الساعة وصيانة للمال الـعامّ من الضَّياع أوْ الصَّرْف في غير مَحَلّه.

أهو هذا زمن الحرية الذي يشهده العراق وحال مؤسساته وعلى رأسها الكَهْرُباء يُبْــكى لها فَــهُنا أين نــحن مــن الـــنظام الديمقراطي الحقيقي الذي نراه في دول العالم المُتَقَدِّمَة والمجاور منها لبلدنا يدافع عن حـــــقوق الإنسان وسَمـــاع رأيـه و عدم التخطي عليه قَدْر شعرة وَهُناك شهادات عالمية بحقِّ ما اجتازه من أهداف قيمة بشأن تقديم الخِدْمات للشعب وإسعاده في النواحي كافة مع العِلْم أنّ النسبة بين خيراته وخيراتنا عند المــقارنة هي كنسبة حصــى إلى الــجبل أوْ قَـطْرة من مـاء البحر.

إنّها حالة يجب أنْ نتوقف عندها لندرس سرّ هذا النظام الديمقراطي الفاعل في هذه الدول والذي أراه يقوم على محاسبة الضمير فنحن العراقيون بحاجة في هذه الأيّام بالذات إلى صَحْوَة ضمير لِنُضْمِر في أنفسنا الحُبَّ والولاء للعراق وعروبــته وأنْ نَبْعُد عن المسؤولية كلَّ ما لا نكون منه على ثقة.

 

 

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *