أ. د. محمد طاقة
بعض علماء الدين للأسف الشديد، يساهمون في تجهيل المجتمعات عندما يركزون على النصوص دون التفكير النقدي أو الاستفادة من العلوم الحديثة ، يمكن ان يؤدي هذا إلى نشر الجهل والتخلف ومزيد من الخرافات وابقاء المجتمعات في حالة من التخلف الفكري .
وبنفس الوقت هنالك علماء دين متخصصون في دراسة النصوص الدينية وتفسيرها وتعليمها للناس ، وهؤلاء يعتبرون خبراء في الشريعة والعقيدة والتفسير ولهم دور كبير في توجيه المجتمع وفقاً للمباديء الدينية
وهنالك بعض علماء الدين الذين يستغلون الدين لتحقيق مكاسب مالية ، يستخدمون مكانتهم الدينية لجمع الاموال من الناس سواء عبر التبرعات أو من خلال المؤسسات الدينية التي يديرونها، مما يؤدي الى استغلال الدين لمصالحهم الشخصية، وهؤلاء يفسرون النصوص الدينية بطرق تخدم مصالحهم و توجهاتهم الفكرية مما يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام الحقيقي ، هذا قد يشمل تبرير العنف و التعصب و التمييز مما يخلق صورة مشوهة للإسلام .
التخلف والجهل يوفران بيئة ملائمة لانتعاش بعض علماء الدين الذين يستغلون نقص الوعي والفهم لدى الناس ، في بيئات تسودها الامية وضعف التعليم .
يمكن لهؤلاء العلماء فرض آرائهم وتفسيراتهم دون مقاومة أو تفكير نقدي من المجتمع .
يقول الفيلسوف العربي ابن رشد :
( تجارة الأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل ، إذا أردت ان تتحكم بجاهل فعليك ان تغلف كل باطل بغلاف ديني ) .
هذا ما ينطبق على ما نعيشه اليوم في العراق .
منذ عام (٢٠٠٣) وحتى اليوم شهد العراق تأثيراً كبيراً لكثير من علماء الدين الذين اسهموا في تجهيل المجتمع واستغلال الجهل لتحقيق مكاسب شخصية ، هؤلاء غالباً ما يستخدمون مناصبهم الدينية للتأثير على العامة وتمرير أجنداتهم الخاصة ، مما يؤدي إلى فساد المجتمع.
علماء الدين الذين يتصرفون بهذه الطريقة
غالباً ما يعتمدون على جهل الناس وقلة الوعي لديهم، يستغلون الفقر والأمية الدينية
لفرض آرائهم وتفسيراتهم الخاصة بالنصوص الدينية ، مما يمكنهم من تحقيق مكاسب مالية وسياسية ، هؤلاء يشوهون صورة الإسلام الحقيقي ويستخدمون الدين كأداة وغطاء للتلاعب والسيطرة ، كما يساهم هؤلاء في خلق صورة مشوهة للإسلام
ويمكن لذلك ان يبرر العنف والتطرف ، و يبعد الناس عن القيم الحقيقية للإسلام كدين للسلام والعدالة والتسامح .
الدين استخدم كأحد العوامل الأساسية التي ساعدت امريكا على احتلال العراق وساهم كذلك بتدمير البلد وسرقة أمواله ، ولعب دورا ًمهماً في تجهيل المجتمع وبدعم أمريكي مباشر وغير مباشر .
الدين كان له دور مهم في التلاعب بالمشاعر والتوجهات الشعبية في العراق ، سواءً من خلال التحريض على العنف الطائفي أو من خلال التلاعب بالخطاب الديني لخدمة اجندات سياسية معينة . لقد تم استخدام الدين لتبرير التدخل الأجنبي حيث استخدمت بعض الخطابات الدينية لتبرير التدخل الأمريكي في العراق سواءً من قبل الجهات الفاعلة داخل العراق أو من قبل الإدارة الأمريكية التي حاولت تقديم التدخل العسكري كجزء من الحرب على الأرهاب
بالإضافة إلى التحريض الطائفي بعد الغزو الأمريكي شهد العراق تصاعداً في التوترات الطائفية، استغل بعض الزعماء الدينيين هذه التوترات لتعزيز نفوذهم مما ادى إلى تقسيم المجتمع وزيادة العنف.
فضلاً عن التلاعب بالخطاب الديني لتحقيق اهداف سياسية ، وكذلك اضعاف التعليم والتطور الاجتماعي كون التركيز على الخطاب الديني والنزاعات الطائفية ادى إلى تراجع في مستويات التعليم والتنمية الاجتماعية حيث كانت الاموال والموارد تستهلك في الصراعات بدلاً من الاستثمار في البنية التحتية الاجتماعية ( التعليم والصحة والخدمات الاساسية) . لذا نجد ان الدين لعب دوراً مزدوجاً في العراق سواءً كاداة للتحكم والتلاعب من قبل القوى الخارجية والداخلية أو كعنصر يساهم في تقسيم المجتمع وتفاقم الأزمات .
مزيداً من التخلف والجهل والأمية والفقر والمرض في المجتمع العراقي يوفران البيئة المثالية لهؤلاء لفرض سيطرتهم في غياب التعليم وتدميره وغياب التوعية الدينية السليمة ، يجد هؤلاء الفرصة الذهبية لنشر افكارهم المسمومة واستغلال الناس بسهولة .
هؤلاء المدعين بالدين هم يمثلون جزأً أساسياً من المشكلة التي تواجه المجتمع العراقي ، فنحن بأمس الحاجة إلى التوعية والتثقيف لمحاربة هذا النوع من التلاعب والفساد بكل أنواعه الذي ينشره هؤلاء المشعوذين .