بقلم: جاسم محمد حمزة الجبوري
عند تدقيقنا الخُلقُ القويم لآخر الأنبياء والرسل (عليهم الصلاة السلام) سنجده وبِلا مِرْية متفجراً من القرآن الكريم ومكافئاً له بكل أعاليه و نواحيه، ولهذا كان له صدىً شديد في مشارق الأرض ومغاربها ; لأنّه (صلوات الله عليه وسلامه) خُلِق مُطَهَّرَ الأخلاق ومبرأً من كلِّ عيب ومثلبة، وتقديراً للموقف الأخلاقي الفائق الذي أبداه (ص) أثناء تفاعله مع سائر البشرية قرر الله تعالى أنْ يُخاطبه بقول قرآني جميل , إذْ قال فيه تعالى:(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم /4
وبشَأْن الأخلاق قال (ص) : (إنّما بُعِثت لأتَمِّم مكارم الأخلاق) وكلُّ النصوص القرآنية وأخبار النبي وآل بيته (رضي الله تعالى عنهم) والتي وثقت في هذا الركن باتت تنقل خَلَفاً عن سَلَفٍ وذلك لِعُظْم أهميتها في تنظيم العَلاقات وبشكل متساوٍ بين المجتمعات والأفراد والجيران والأصدقاء وفي ضوء هذه السجايا التي حَظِي بها نبي الرَّحمة والحنان بنيت شخصيته وقواعد البيت العربي – الإسلامي في أحسن بناء ؛ لأنّهما أُسِّسا على تقوىً من الله ، وأيّ بناء مادياً كان أمْ معنوياً إنْ لَمْ تتخلله هذه الضوابط سَيُصْبِح ضرراً كبيراً ونفعه عديماً وستتولد من تلك الطاقات المكرسة في سبيله إمكانات مماذقة , بل مولعة بممارسة ظواهر سَمْجه وبِعُمْق ، وفي كلِّ الأزمنة يُعَدّ التلون أكثر هذه الظواهر خطراً على مصير البلاد ومستقبلها ولغة : هو عدم الثبوت على خُلُق واحد .
وهناك أدلة ثبوتية تكفي لنحكم على الإنسان متلوناً إذا أضحى مستجيباً لقاعدة (يد على الرَّحْمن وأخرى على الشيطان) وبحكم تلك الطِّباع الشاذة أثخن المتلونون البلاد بالجِراح من طريق انجراف جزء كبير من الشعب في أحضان كبريات الدول المتآمرة على العراق والتي سعت إلى عودته إلى مَنْطِق الانفلات الأمني الذي يرثى لمخلفاته التي حولته إلى معيشة متكدرة برُمَّتِها ، وإنّهم لو لَمْ يَلْمِسوا ما كان عليه هذا الجزء من تواطؤ وعدم وفاء لما أصروا على غزو البلاد أوْ البَقاء العسكري على الأرض إلى هذا الحين .
وقد أومأ الإمام الشافعي(رَحِمَه الله) إلى ذلك الخُلُق المذموم قائلاً :-
ولا خير في ود امرئٍ متلونٍ
إذا الريح مالت مال حيث تَميل
وأيْضاً عرّج على ذلك الطَّبْع شاعرنا العربي جزاه الله خيراً , إذْ قال :
ألفْتُمُ الهُون حتى صار عندكُمُ
طَبْعاً وبعضُ طِباعِ المرءِ مكتسبُ
إنّ البرهنة على صِدْق المحبة للنبي ولِصَحْبه الكرام، بل ولآل بيته الأطهار تستوجب من المتلونين الانصراف التام عن تلك الصفة الرذيلة والرجوع إلى الاحتذاء بوصاياهم وأقوالهم المأثورة في هذه الظاهرة المرفوضة ، ولَعَمْري إنّ الذي دمّر العراق وحصد رجاله الأشراف وهدّ البناء الأول ورجع به إلى الخلف وحَوَّله إلى غابة وفوضى هي الجموع المتلونة ، ومع شديد الأسف بان من هؤلاء جيوش من المنافقين و الواشين والمخبرين السريين .
وهؤلاء هلاّ ذكروا قبل سني الاحتلال كيف كانوا يَصْدَحون بشعارات وطنية تتناقض والخُلُق الجديد الذي اعتنقوه بعد ما يسمى بالتحرير مباشرة ، وعَبْرَ مقالي هذا أوجه سؤال للّذي يُهِمُّهم الأمر أين هم من أخلاق القرآن والسُّنَّة النبوية الشريفة وأخلاق آل بيت النبي وصَحْبه الكرام ؟ أما يستحوا من الله وشهداء الفضيلة والخُلُق الكريم ؟ كفى تلوناً والموت للمتلونين .