بقلم : جاسم محمد حمزة الجبوري
فرض الله تعالى على المسلمين في هذا الشهر العظيم الذي سُمِّيَ بشهر رمضان أنْ يصوموا أيّامه المباركة البالغة ثلاثين يوماً لا زيادة ولا نقصان، وما يوضِّح محدودية هذا الشهر بكذا يوم هو كما أتى في الحديث: (إذا غُمَّ عليكم الهلال فاقْدُروا له) أيْ أتِمّوا ثلاثين بمعنى إذا ستره عن الناس غيم أوْ غيره فَلَمْ يُرَ، والصوم ركن من أركان الإسلام الذي بُني على خمس (الشهادتان ، إقام الصلاة ، ايتاء الزكاة ، صوم رمضان ، حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) ومعناه في اللّغة الإمساك عن الطعام . إنّ الله سبحانه وتعالى لا يَفْرِض على عباده شيئاً خالياً من الفائدة فلمّا جعل الصّوم فريضة على كلِّ مسلم ومسلمة ، معنى ذلك أنّ الصّوم يُعْطي للإنسان القوة والنشاط البدني والعقلي والصِّحَّة والمناعة ضدّ الأمراض، ومن الناحية الأخرى يُعلِّم الإنسان دروساً في الصَّبْر وتَحَمُّل الجُوع والعطش واجتناب الرّذائل وَيَزيدُه إحساساً بمعاناة الفقراء والمساكين الّذين لا شيء لهم ؛لأنّ الله خلق الإنسان مُبتلى أيْ في أيَّة لحظة ممكن أنْ يتعرّض إلى مرض أوْ حرب أوْ كوارث طبيعية من قَحْط ونحوه فكيف له أنْ يَثْبُت ويقاوم هذه الوقائِع ويَمْرُن وَيَقْوى عليها وهو أساساً غير مدرّب على هذه القيم الروحية ؟ ومن الواجب الأخلاقي ، ينبغي إعادة النظر في مواقفنا في شهر رمضان ؛لأنّه في مفهوم القرآن والسُّنَّة النبوية ليس عبادات فقط وإنّما يجب أنْ يُفهم بأنّه تضحية وتصحيح للذنوب وجهاد نفسي لمنع النَّفْس من ارتكاب المنكرات وَلِيَسْتَقيم هذا الوَصْف ، لابد من تطبيق هذه المفردات الجوهرية على الأرض حيث هي الوجه الحقيقي والأساسي لرمضان والمنفذ الوحيد لخروج الإنسان من هذا الجلبابِ المهلهلِ جلبابِ المعاصي وانفرادِه لطاعة الله وخِدْمَة الناس.