بغداد-محمد فاضل ظاهر
تُعد الفنانة الرائدة الراحلة عفيفة إسكندر من الأصوات الجميلة التي ظهرت خلال فترة الأربعينيات ، إذ كانت تجيد أنواع الغناء والمقامات العراقية ، كما عملت مع فنانات عدة أمثال منيرة الهوزوز وصديقة الملاّية وزهور حسين وسليمة مراد وغنّت ( المملوج) باللّغة الإنكليزية والفرنسية والألمانية. وتعاملت مع عدد من الملحنين ومنهم الملحن أحمد الخليل وخزعل مهدي وياسين الشيخلي ، وعن لقاء أجرته صحيفة ( الزمان ) معها خلال زيارة لها في إحدى الشقق السكنية بعمارة السبطين في وَسَط الكرادة قالت إسكندر قبل وفاتها ( كانت أوّل أغنيةلي هي أغنية ( زنوبة -يازنوبة ) وكنت في وقتها بعمر ال 8 سنوات ، وعن رصيدها من الأغاني ذكرت لدي أكثرمن 1500 أغنية ومن هذه الأغاني التي قدّمتها هي أغنية ( ياعاقد الحاجبين ). و( ياسكري ياعسلي ) و( اريد الله يبين حوبتي بيهم ) و( غبت عني ) و (حركت الروح ) ، وفي سؤال لعفيفة إسكندر هل قدّمتِ أغاني لملوك ورؤساء آنذاك . أوضحت إسكندر ( كنت المغنية الأولى للعصر الملكي وكان أغلب كبار الدولة من ملوك وقادة ورؤساء ووزراء يُطربون لصوتي ويحضرون حفلاتي على الدوام ومن المعجبين بصوتي ومنهم الملك فيصل الأول ، إذ كان يحضر أغلب حفلاتي رئيس الوزراء الاسبق نوري سعيد ومن المحبين لغنائي وكان يرتبط معي بعلاقة إحترام تقديراً لفني ) ، وعن المضايقات التي واجهتك خلال مسيرتك الفنية أوضحت الراحلة إسكندر ( لقد واجهت مضايقات عدة من رئيس الوزراء عبد السلام عارف وكان من المحاربين لي ، إذ كان يتهمني بدفن الشيوعين في بيتي ، ومن هو كان المشجع الأوّل لدخولك إلى عالم الفن. قالت إسكندر ( والدتي كانت المشجع الأوّل لدخولي إلى عالم الفن واستطعت تطوير موهبتي الغنائية وأنا بعمر ال 5 سنوات ، إذ كنت انحدر من عائلة فنية أجادت الكثير من أنواع الفنون ، كما برعتُ في الغناء منذ نعومة أظْفاري وارتقيت إلى سُلّم الفنانين الذين ذاع صيتهم آنذاك مما أُطلقت عليَّ ألقاب عدة ومنها (شحرورة العراق) و( فاتنة بغداد ) وكانت تختار أغلب قصائدها من دواوين الشعراء الكبار ممّا جعل صوتها أنْ يحمل نكهة بغدادية أصيلة وهذا ما ساعدني على تقديم أجمل الأغاني وأعذبها ، كما سافرت إلى القاهرة عام 1938 وغنّت هناك وعملت لمدة طويلة مع فرقة بديعة مصابين في مصر ، كما عملت مع فرقة كاربوكا وشاركت في التمثيل في فيلم ( يوم سعيد ) مع محمد عبد الوهاب وفاتن حمامة وغنّت فيه ولكن لسوء الحظ لم تُعرض الأغنية لكون أنّ مخرج الفيلم قام بحذف الأغنية لطول عرض الفيلم ، كما مثّلت في لبنان وسوريا ومصر ومنها فيلم ( القاهرة -بغداد ) وفيلم ( ليلى في العراق ) مع عدد من الفنانين وهم حيدر السعدي ومحمد سلمان ونورهان بالإضافة إلى أنّ الفنانة إسكندر كانت نجمة الغناء العراقي لما يقارب من 50 عاما ، إذ كان صوتها قد ملأ أُسماعنا لسنين طويلة ونالت بموجب ذلك شهرة واسعة في العراق بعد عودتها من مصر وأُعتبرت المغنية الأولى في البلاد وتزوّجت من الموسيقار إسكندر ومن هنا اكتسبت تسمية إسكندر من إسمه فأحيت عشرات الحفلات في نوادي بغداد وكانت أوّل حفلة لها في عام 1935 ولُقَّبت( بمنلوجست) بناءً على تسمية المجمع العربي ، إذ تُعد الفنانة من عائلة فنية مثقفة وكانت والدتها تعزف على 4 آلات مزيكا ومن الجوانب الانسانية في حياة الفنانة إسكندر كانت الفنانة الراحلة ( تلجأ بالتعضيد المادي المباشر للكثير من العوائل التي يقدِّمون لها لمساعدتهم ولم تتخلَّ عنهم وكانت تطلب منهم عدم ذكر إسمها من وراء ذلك لكونه عمل خيري . والفنانة الراحلة إسكندر لم تتلقَّ أيَّ
ّ اهتمام من الحكومة ونقابة الفنانين ، إذ عانت في السنوات الأخيرة من عمرها حالة من العزلة والوحدة والفقر وكانت القائمة على رعايتها أمّ عيسى وهي مسيحية الأصل ، إذ كانت تسكن الفنانة الراحلة في شقة ببدل إيجار في عمارة السبطين في وَسَط الكرادة ، إذ رحلت عن الدنيا وهي لاتمتلك شيئاً .

والفنانة عفيفة إسكندر ولدت في مدينة الموصل عام 1921 من أب عراقي مسيحي وأم يونانية وعاشت في بغداد وغنّت في عمر 5 سنوات وكانت أوّل حفلة لها في عام 1935 وتزوجت بعمر الثانية عشر من عراقي أرمني موسيقي إسمه إسكندر إصطفيان بإجبار من أهلها وكانت أوّل حفلاتها في مدينة أربيل ودخلت أغلب أغانيها الإذاعة العراقية عام 1937 رحلت عن الدنيا بعمر ال 90 عاماً بعد صراع مع مرض السّرطان .

