بقلم: جاسم محمد حمزة الجبوري
الحديقة كلمة جميلةٌ معناها في اللُّغة الروضة ذات الشجر وقيل: الحديقة كلُّ بُسْتان عليه حائط، وقبل كلِّ شيء يجب أنْ لا يفوتنا أنّ للقرآن من الوَصْف المُتَقَدِّم الرائع بهذا الخصوص وعلى سبيل المثال قوله تعالى:( وَ حَدَائِقَ غُلْبًا) عبس/29.
إنّ الجهود المبذولة اليوم في الغالب من دول العالم لتأمين حدائق بأكبر عدد ممكن لتزيين الشوارع والمدن وزروع بطعام يفوق إلى حدٍّ كبير الاكتفاء الذاتي تكلَّلت بالنجاح، وتلك الجهود امتدت لِتَشْمُل حتى المقابر هُناك أيْضاً، ولعلّ من أبرز المسائل التي أسهمت في نجاح مثل هذه الحملة هو الدَّعْم الحكومي للفلاحين كافة والذي يتضمن تخزين مياه كافية لِسَقْي المزروعات وتوفير بذور صالِحة ذات انتاجية عالية وأسمدة اصطناعية مركزة ومكننة زراعية حديثة وكلُّ ذلك يُعْرَض للبيع بأسعار واطئة الكلفة وبما تشتهي مِهْنَة الفِلاحة ، والآن إذا أردنا التحدث عن وضْع زراعي متعاف لعراقنا في حِقَب خلت فإنّه كان ينطوي على تخطيط ودراسات متكاملة أصبحت لا أثر لها خصوصاً في هذه الحِقْبَة التي ما زالت على قيد التوجه السياسي الجديد وابتداءً من ذلك التاريخ فالمسؤولون مَدينون لهذا الواقِع الزراعي المريض نظراً لما أتوا به من تقاليد لا تسمح ليتجاوز مُعَوِّقاتَه والتي من أبرزها تثبيط هِمَّة القائمين عليه وإعفاء غالبيتهم من العمل وعلى وجه الخصوص ذوو الكفاءات والخبرات العلمية المتراكمة لأسباب تافهة رخيصة وبِلا إنكار أنّ النظام الجديد في العراق تخلّى لأمور أخرى أسرف في سبيل نجاحها مئات الملايين من الدُّولارات وأهمل ببرود أعصاب الزراعة التي قيل عنها هي النِّفْط الدائم .
الزراعة في السابق كانت في حالة مدٍّ وعطاء غير محدود هو الآخَر وفَّر لبلادنا أرقاماً كبيرة من العُمْلات الأجنبية ،وأمّا في الوقت الحاضر فهي في حالة رجوع إلى الخلف وعطاء كاد أنْ يكون شبه معدوم أوْ منزور جداً، وبِحَسَب تقدير الاختصاصيين والخبراء الزراعيين فإنّ الزراعة أصفرت من العطاء كلّيّاً في أوَّل يوم من أيّام وقوع الغزو ،وحتى لا أستبقي من ما أريد أنْ أنوّه عنه للمواطن الكريم وأنا في وَضْع اقتراب من خَتْم المادة المذكورة فنصيحتي تقول له اقرأ سورة الفاتحة على روح المرحومة الزراعة وعلى ما تبقى من الحدائق والمزارع في عموم البلد والتي هي الأخرى تنتظر أيْضاً كما قرأت بالأمس السورة ذاتها على مئات الآلاف من المزارع والحدائق التي قضت نَحْبها متأثرة بضُغْطة الأزمة المائية وفقدان الدَّعْم الحكومي.