أ. د. محمد طاقة
تعد القوى الوطنية العراقية الرافضة للعملية السياسية الراهنة ، من ابرز الظواهر التي تتجلى في الساحة العراقية في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد .
هذه القوى ، التي تتنوع بين حركات وأحزاب وتنظيمات سياسية .
رغم تباين هذه التنظيمات والأحزاب في توجهاتها السياسية إلا انها تتفق على بعض المباديء الأساسية ، مثل ضرورة التخلص من النفوذ الأجنبي سواءً كان أمريكياً أو إيرانياً ، واعادة سيادة القرار العراقي للشعب دون تدخلات خارجية .
من خلال الاطلاع على البيان بأسم القوى الوطنية العراقية الرافضة والمناهضة للعملية السياسية الراهنة وكذلك من خلال الاطلاع على العديد من البيانات الصادرة باسم القوى الوطنية العراقية ، يتضح ان هذه القوى تطرح حلولاً وبرامجها متشابهه لمعالجة الوضع المأساوي الذي يعاني منه الشعب العراقي ، معظم هذه البيانات تتضمن نفس الاتجاهات والحلول التي ترتكز على اعادة بناء الدولة العراقية على اسس وطنية خالصة بعيداً عن الهيمنة الخارجية .
ان المطالبة بالتحرر من الاحتلال الأمريكي والإيراني والاسرائيلي ووضع آليات لتخليص العراق من التدخلات الإيرانية في الشؤون السياسية والاقتصادية ، يشكل المبدأ الأهم الذي يجمع هذه القوى الوطنية .
وقد يتفق الكثيرون مع هذه المباديء التي تطرحها هذه القوى في بياناتها ، لكن يظل هناك تساؤل مهم : لماذا لم تتوحد هذه القوى في اطار تنظيمي واحد لتحقيق اهدافها بشكل اكثر فاعلية ؟
على الرغم من اتفاق هذه القوى على المباديء العامة ، فإن غياب الوحدة التنظيمية والاختلافات الثانوية بينها يثير القلق بشأن فعالية هذه القوى في مواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق .
التشرذم الذي تعيشه القوى الوطنية المناهضة للعملية السياسية في العراق يشكل احد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى ضعف هذه القوى امام التحديات الكبرى .
فعلى الرغم من اتفاق هذه القوى على المباديء الاساسية ، إلا ان الخلافات الثانوية ، سواء في المنهجية أو في أسلوب العمل ، قد تساهم في اضعاف الفاعلية الميدانية لهذه القوى .
إن التعددية الحزبية والمجموعات المعارضة يجب ان تتحول إلى وحدة تنظيمية قوية قادرة على تقديم بديل سياسي حقيقي للشارع العراقي .
لكن يبقى المهم ، من هي هذه القوى ، ومن تمثل ؟
هل هي مجرد مجموعات أو أفراد ، يقتصر دورهم على اصدار البيانات دون فعل حقيقي على الارض ؟
في الحقيقة ان معضم هذه القوى الوطنية هي تجمعات تضم عدداً من الشخصيات الوطنية العراقية المخلصة ولكن تظل محدودة الأنشطة والعمل الفعلي على الارض هي المشكلة الأساسية .
إن الواقع الحالي يتطلب من هذه القوى الوطنية أن تعيد النظر في أسلوب عملها وأسلوب تفكيرها ، فالتحديات التي تواجه العراق ليست سهلة ، والتشرذم لا يسهم سوى في اضعاف قدرة هذه القوى على احداث التغيير المنشود .
ربما يكون الوقت قد حان لتوحيد هذه القوى تحت اطار تنظيمي واحد ، بحيث يتم التركيز على العمل الميداني والبرامج العملية التي تعالج الأزمات التي يمر بها العراق بشكل اكثر شمولية وفاعلية .
يمكننا القول أن وحدة القوى الوطنية في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي يعيشها العراق اليوم هي خطوة أساسية نحو تحقيق السيادة الوطنية واعادة بناء العراق كدولة حرة مستقلة ، إن التشرذم لن يفيد ، والمرحلة المقبلة تتطلب التنسيق والعمل المشترك من اجل تحقيق تطلعات الشعب العراقي في التحرر والنهوض بالبلاد ..