معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين بالرقم 1853

القوى الوطنية العراقية الرافضة للعملية السياسية الراهنة .. الواقع والتحديات .. 

حجم الخط

أ. د. محمد طاقة

تعد القوى الوطنية العراقية الرافضة للعملية السياسية الراهنة ، من ابرز الظواهر التي تتجلى في الساحة العراقية في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد .

هذه القوى ، التي تتنوع بين حركات وأحزاب وتنظيمات سياسية .

رغم تباين هذه التنظيمات والأحزاب في توجهاتها السياسية إلا انها تتفق على بعض المباديء الأساسية ، مثل ضرورة التخلص من النفوذ الأجنبي سواءً كان أمريكياً أو إيرانياً ، واعادة سيادة القرار العراقي للشعب دون تدخلات خارجية .

من خلال الاطلاع على البيان بأسم القوى الوطنية العراقية الرافضة والمناهضة للعملية السياسية الراهنة وكذلك من خلال الاطلاع على العديد من البيانات الصادرة باسم القوى الوطنية العراقية ، يتضح ان هذه القوى تطرح حلولاً وبرامجها متشابهه لمعالجة الوضع المأساوي الذي يعاني منه الشعب العراقي ، معظم هذه البيانات تتضمن نفس الاتجاهات والحلول التي ترتكز على اعادة بناء الدولة العراقية على اسس وطنية خالصة بعيداً عن الهيمنة الخارجية .

ان المطالبة بالتحرر من الاحتلال الأمريكي والإيراني والاسرائيلي ووضع آليات لتخليص العراق من التدخلات الإيرانية في الشؤون السياسية والاقتصادية ، يشكل المبدأ الأهم الذي يجمع هذه القوى الوطنية .

وقد يتفق الكثيرون مع هذه المباديء التي تطرحها هذه القوى في بياناتها ، لكن يظل هناك تساؤل مهم : لماذا لم تتوحد هذه القوى في اطار تنظيمي واحد لتحقيق اهدافها بشكل اكثر فاعلية ؟

على الرغم من اتفاق هذه القوى على المباديء العامة ، فإن غياب الوحدة التنظيمية والاختلافات الثانوية بينها يثير القلق بشأن فعالية هذه القوى في مواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق .

التشرذم الذي تعيشه القوى الوطنية المناهضة للعملية السياسية في العراق يشكل احد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى ضعف هذه القوى امام التحديات الكبرى .

فعلى الرغم من اتفاق هذه القوى على المباديء الاساسية ، إلا ان الخلافات الثانوية ، سواء في المنهجية أو في أسلوب العمل ، قد تساهم في اضعاف الفاعلية الميدانية لهذه القوى .

إن التعددية الحزبية والمجموعات المعارضة يجب ان تتحول إلى وحدة تنظيمية قوية قادرة على تقديم بديل سياسي حقيقي للشارع العراقي .

لكن يبقى المهم ، من هي هذه القوى ، ومن تمثل ؟

هل هي مجرد مجموعات أو أفراد ، يقتصر دورهم على اصدار البيانات دون فعل حقيقي على الارض ؟

في الحقيقة ان معضم هذه القوى الوطنية هي تجمعات تضم عدداً من الشخصيات الوطنية العراقية المخلصة ولكن تظل محدودة الأنشطة والعمل الفعلي على الارض هي المشكلة الأساسية .

إن الواقع الحالي يتطلب من هذه القوى الوطنية أن تعيد النظر في أسلوب عملها وأسلوب تفكيرها ، فالتحديات التي تواجه العراق ليست سهلة ، والتشرذم لا يسهم سوى في اضعاف قدرة هذه القوى على احداث التغيير المنشود .

ربما يكون الوقت قد حان لتوحيد هذه القوى تحت اطار تنظيمي واحد ، بحيث يتم التركيز على العمل الميداني والبرامج العملية التي تعالج الأزمات التي يمر بها العراق بشكل اكثر شمولية وفاعلية .

يمكننا القول أن وحدة القوى الوطنية في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي يعيشها العراق اليوم هي خطوة أساسية نحو تحقيق السيادة الوطنية واعادة بناء العراق كدولة حرة مستقلة ، إن التشرذم لن يفيد ، والمرحلة المقبلة تتطلب التنسيق والعمل المشترك من اجل تحقيق تطلعات الشعب العراقي في التحرر والنهوض بالبلاد ..

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *