جاسم محمد حمزه الجبوري
سكوت الحكام العرب إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في هذه الأيام من حملة شعواء لا يزال يشنها الكيان الصهيوني على قِطاع غزة تحديداً دليل كبير على صحة التقييم العراقي السابق للنظام العربي الرسمي الذي كشف عن ضعفه وتخاذله من دون خجل من شعب يذبح يومياً بالسلاح الاسرائيلي الفتاك والمجتمع الدولي في ذلك لا يحرك ساكناً بالرُّغْم من ما يراه ويَسْمَعُه عَبْرَ وسائل الاعلام وفي هذا الاطار يُمْكِن وصف الحالة وَفْقاً لقول الشاعر :
لقد أسمعت لو ناديت حيّاً
ولكن لا حياة لمن تنادي
وقبل هذا كلِّه فإنّ الإرادة السياسية لدى هذا الرئيس العربي وغيره من الرؤساء العرب غائبة تماماً بمكافحة الجرائم المروعة للاحتلال الصهيوني، ومن الغريب أنَّهم لا ينتبهون ولا يعون طرفي المعادلة التي خَلَصَتْ إلى أنّه لا يُمْكِن فصل الأمن الوطني الفِلَسْطيني عن أمن المِنْطَقة العربية ، أما ما يَصْدُر من إدانات حكومية على الصعيد الداخلي العربي فقد أثاَر استهجان الشارع العربي ليحكم بأنّ هذا الجبن لا يوصف سِوى مؤشِّر ومحاولة للتنصل من المسؤولية التاريخية التي تحتم على الجميع إيلاء القضية الفلسطينية أهمية استثنائية والعمل بشكل تضامني من أجل إنهاء موسم الظلام الصهيوني الذي زرع في قلب الوطن العربي حتى يواجه دائماً تطورات أمنية خطيرة قد تؤدي إلى زعزعة استقراره ومن ثَمَّ خلق عَلاقة شاذة بإسرائيل تفتقر إلى التوازن ، وفي ضوء هذا التهاون والتقصير تولد الاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي الذي تم إعلانه في 13/8/2020م وسبقت ذلك خُطُوات تطبيع أخرى مع الجانب الإسرائيلي ممّا هيأ هذا الأمر الفرصة لإسرائيل في الدخول إلى السوق العربي (Integration) لتبني اقتصاد متكامل على حساب الاقتصاد العربي.
أمّا على صعيد الشارع العربي بهذا المجال فلسان حاله يَذُمُّ ويَشْتِم ساسته بالأسماء، وبمقابل ذلك كيف يتم تأمين الحماية للعروبة والحماة في الأصل ذئاب ؟ وسنين طَوال لا نسمع من قادة الأمة سِوى دعوات للتهدئة ونزع فتيل التصعيد والشعب الفلسطيني تقتحم مؤسساته الدينية ويقتل بدم بارد تحت عناوين وعناوين، ولكن اللوم والعتب على مَنْ يُمْسِك بزِمام الأمور لا يفيد، فالله يكون في عون الفِلَسْطينيين وسنداً وظهيراً لهم على هذا القصف اللعين الذي خَلّفَ وراءه حزنا أخذ يَحْفِر آثاره على وجوه الأطفال والشباب والنساء والشيوخ والمسنين بسبب فقدان الكثير من الفِلَسْطينيين حياتهم بهذه الطريقة الوحشية ، فألا من معين يعين أهلنا في فِلَسْطين على هذا الصُّراخ الذي يوجه إلى آذان لم تسمع ؟ وهل نسي حكام العرب قول الله تعالى : (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) هود / 113، لماذا الميول إلى الباطل والامتناع عن مناصرة الشعب الفلسطيني المغبون ؟ الشعب الذي سطَّر لاسيما في هذا الوقت حصراً وقبله في السنين الفائتة أروع الملاحم والبطولات أثناء المواجهات التي دارت مع الكيان الصهيوني المنبوذ ، فأهل غزّة بوحدهم من طريق صواريخهم التي سقطت في وَسَط اسرائيل جعلوا الذعر يَعْصِف داخل صفوف الجيش الإسرائيلي هذا من طرف ومن طرف آخر شَلّوا حركة اليهود وهكذا نقطة شديدة الأهمية تصنف بمثابة رسالة تحذير للعدو مفادها بأنّ الردع المضاد لابد منه.
إِذَنْ فكيف بالحال إذا وجه العرب أسلحتهم نحو اسرائيل وقصفوها قصفاً جمعياً فو الله لرحل الصهاينة من أرض فِلَسْطين من حيث أتوا، ومن هنا وهناك فما زال الأمل بالقادة العرب حاضراً بأنْ يفعلوا ذلك في يوم من الايام ليكسبوا رِضا الله عنهم؛ لأنّ القدس تستحق أكثر من ذلك كونها مدينة عربية وعقيدة في آن واحد وسَيُساءل عنها بعد الممات، ولْيَكن بعلم الجميع من المسؤولين العرب أنّ مراعاة هذا الأمر والنظر فيه بعُمْق وإيمان هو ليس لأحد، بل لأمة ووطن عربي بالتمام ، وأمام هذا الثبات والقصف الصاروخي المنطلق من أرض بمشارف الشام بها قبر هاشم جد النبي (عليه الصلاة والسلام) صارت اسرائيل وبإرادة الله بحجم الذبابة، وما ذلك بتقدير مَنْ يؤمن بالقضية الفلسطينية غير بشائر مطلقة لاقتراب نهاية مسلسل الكَذِب الصهيوني وزوال دويلة الشيطان.