يتميز الكروموسوم Y، الذي يمنح المرء عادة الخصائص الذكورية، بكميات كبيرة من الحمض النووي المتكرر، ما يعني أنه كان من الصعب تجميع تسلسل كامل حتى الآن.
وتمكن العلماء لأول مرة من رسم خريطة للكروموسوم Y، في اختراق يمكن أن يؤدي إلى علاجات للسرطانات التي تصيب الذكور ومشاكل الخصوبة.
ويميز كروموسوم Y الرجال عن النساء، ويحتوي على جينات في المناطق التي توفر تعليمات لصنع البروتينات المشاركة في إنتاج خلايا الحيوانات المنوية وتطورها.
ولدى معظم الأشخاص 22 زوجا من الكروموسومات بالإضافة إلى اثنين من الكروموسومات الجنسية، إما زوج من الكروموسومات X أو كروموسوم X واحد وكروموسوم Y واحد.
ويعد Y أحد أصغر الكروموسومات ويحتوي على أقل عدد من الجينات التي تشفر البروتينات.
وكشف العلماء من خلال الخريطة الكاملة التي رسموها عن أكثر من 62 مليون زوج قاعدي (زوج من نوكليوتيدين متكاملين موجودين على طرفي سلسلة الحمض الريبي النووي منقوص الأكسجين DNA أو الحمض الريبوزي النووي RNA)، أي أكثر بـ 30 مليونا مما تم تحديده سابقا، و41 جينا جديدا لترميز البروتين يتكون من كروموسوم Y.
وقد تم إجراء تسلسل جزئي له في عام 2003، ولكن تم اكتشاف 50% فقط منه.
وبينما ما يزال العلماء في المراحل الأولى من اكتشافهم، قالوا إن رسم الخرائط يمكن أن يكتشف المتغيرات ويربطها بصفات محددة يمكن أن تؤدي إلى علاجات شخصية للأمراض الوراثية.
ووجدت الأبحاث السابقة أن الرجال يمكن أن يفقدوا بعض أو كل تلك المادة الوراثية مع تقدمهم في السن، لكن العلماء لم يفهموا بشكل كامل سبب حدوث ذلك والتأثيرات التي قد تحدثه.
ويمكن أن يؤدي فقدان السائل المنوي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والسرطان ومرض ألزهايمر، وتناقص عدد الحيوانات المنوية الذي يسبب العقم.
وقالت كاترينا ماكوفا من جامعة ولاية بنسلفانيا والمساهمة في الدراسة: “إن كروموسوم Y هو أصعب كروموسوم بشري على الإطلاق في التسلسل والتجميع. ويعد فك رموز تسلسله الكامل إنجازا علميا كبيرا. لقد عملت مجموعتي على الكروموسوم Y لأكثر من 20 عاما، ولم أعتقد أنه سيكون من الممكن الحصول على تسلسله الكامل قريبا”.
وتم إجراء تسلسل كروموسوم X بالكامل في عام 2020 من قبل الباحثين في المعهد الوطني لبحوث الجينوم البشري (NHGRI)، الذين اختاروا تسلسله أولا بسبب ارتباطه بمجموعة من الأمراض، بما في ذلك الهيموفيليا (مزف الدم الوراثي) ومرض الورم الحبيبي المزمن (اضطراب وراثي في خلايا الجهاز المناعي التي تسمى البلعميات) ومرض دوشين (مجموعة من الأمراض التي تُسبب ضعف العضلات وفقدان الكتلة العضلية تدريجيا).
وكان كروموسوم Y بعيد المنال بسبب بنيته المعقدة نسبيا. وعلى عكس معظم الكروموسومات الأخرى، يشتمل Y على متناظرات، أو تسلسلات متماثلة للأمام والخلف.
وقام اتحاد T2T الذي أدار الدراسة الممولة من قبل المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري (NHGRI)، بتطبيق تقنيات تسلسل الحمض النووي الجديدة، وطرق تجميع التسلسل، والمعرفة المكتسبة من توليد أول تسلسلات خالية من الفجوات للكروموسومات البشرية الـ23 الأخرى لحل هذا اللغز.
وقال آدم فيليبي، كبير الباحثين في المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري: “كانت المفاجأة الكبرى هي مدى تنظيم التكرارات. لم نكن نعرف بالضبط ما الذي يتكون منه التسلسل المفقود. كان من الممكن أن يكون الأمر فوضويا للغاية، ولكن بدلا من ذلك، يتكون ما يقارب من نصف الكروموسوم من كتل متناوبة من تسلسلين متكررين محددين يُعرفان باسم الحمض النووي الساتل (satellite DNA)”.
وستكون الـ 30 مليون قاعدة الجديدة المضافة إلى مرجع كروموسوم Y حاسمة أيضا لدراسة تطور الجينوم.
وأخبر فيليبي موقع “لايف ساينس” أن تطوير علاجات للأمراض المرتبطة بالكروموسوم Y، على الرغم من أن هذا قد لا يحدث في وقت قريب، إلا أنه متفائل بشأن هذا الإنجاز.
وقال: “هذا يشبه المخطط الذي ننظر إليه، وإذا كانت هناك ثقوب كاملة فيه، فقد لا تعرف حتى من أين تبدأ. ولكن من خلال ملئها، تكون لدينا الصورة كاملة”.
المصدر: ديلي ميل