أ. د. محمد طاقة
تمر الامة العربية اليوم بأحلك فتراتها ، حيث تواجه تحديات كبيرة تهدد وجودها واستقرارها ، في مقدمة هذه التحديات يأتي الاتفاق غير المعلن بين المشروع الصهيوني المدعوم أمريكياً وأوربياً والمشروع الفارسي المغطى بغطاء الدين ، اللذان يسعيان إلى تفتيت الامة العربية وإضعافها ، كلٌ منهما لتحقيق مصالحه الخاصة ..
هذه المشاريع التوسعية تجد في ضعف وتشتت العرب فرصة مثالية للسيطرة والهيمنة ..
فالأنظمة السياسية التي تدير شؤون الامة العربية ليست فقط غير متآلفة ، بل انها متقاطعة ومتضادة في كثير من الاحيان ..
هذه الأنظمة التي من المفترض ان تكون حامية لحقوق الشعوب ومصالحها ، تفتقر إلى رؤية مشتركة لتحقيق الوحدة العربية حتى في ابسط صورها ..
رغم وجود الرغبة في الوحدة لدى البعض ، إلا ان السعي الفعلي نحو هذا الهدف يكاد يكون معدوماً ، مما ترك المجال مفتوحاً امام القوى الخارجية للتدخل وزعزعة استقرار المنطقة ، ولا يقتصر الأمر على الأنظمة السياسية فقط ، بل يشمل ايضاً الاحزاب الثورية التي كانت في يوم من الايام رمزاً للمقاومة والصمود ..
هذه الاحزاب اصبحت اليوم مشتتة وغير قادرة على اداء مهامها في الدفاع عن الامة ، بل بعضها انحرف عن مساره وتحول إلى اداة لتحقيق مصالح ضيقة تخدم أطرافاً خارجية ..
ان الذين لا يدركون هذه الحقائق المرة وهذا الواقع المرير ، لايمكنهم ان يكونوا جزءاً من الحل ..
ان التشخيص الدقيق للمشكلة يمثل نصف الطريق نحو العلاج ، لكن للأسف الكثيرون يغمضون أعينهم عن الحقيقة أو يتجاهلونها عن عمد ..
من هنا نؤكد على اهمية الوحدة العربية وأحزابها الثورية كضرورة حتمية لاستعادة قوة الامة ومكانتها ، بدون الوحدة ، ستظل الامة العربية وقواها الثورية في حالة ضعف وتشتت وتراجع ، وستظل عرضة لمؤامرات القوى التي لا تريد لها الخير ..
الوحدة هي السبيل الوحيد لضمان بقاء الامة وعودتها إلى قلب التاريخ ، وإلا فإننا سنصبح خارج التاريخ ، مجرد شظايا متناثرة في أيدي اعدائنا ..