معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين بالرقم 1853

الاقتصاد الإيراني على وشك الانهيار

حجم الخط

أ. د. محمد طاقة

شهد الاقتصاد الايراني في عام (2024) تحديات كبيرة نتيجة لعوامل متعددة ، من بينها العقوبات الدولية المستمرة بالإضافة

إلى التوترات السياسية الداخلية والخارجية ، والتقلبات في الأسواق العالمية ، وبشكل خاص اسعار النفط .

تعتبر عائدات النفط مصدراً رئيسياً للايرادات

العامة في ايران ، ففي عام (2024)شكلت عائدات النفط حوالي (23‎%‎) من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد ، مما يعكس اعتماد الاقصاد الايراني الكبير على هذا القطاع .

وفقاً لتقرير صادر من مركز البحوث التابع للبرلمان الايراني تقدر ايرادات النفط في موازنة عام (2024)بحوالي (50)مليار دولار

مما يشكل نحو (35‎%‎)من اجمالي الموارد العامة للموازنة .

كيف سيكون الحال عند تطبيق العقوبات الاقتصادية الصارمة التي اصدرها الرئيس الامريكي السيد ترامب ؟ عند تطبيق العقوبات الاقتصادية الصارمة التي أصدرها الرئيس ترامب ستؤدي إلى غلق قطاع النفط الذي تعتمد عليه ايران وسيتم منع وصول إيران إلى النظام المالي العالمي ، مما سيشكل

ضربة قاصمة ومدمرة على الاقتصاد الإيراني والذي يشكو من تحديات معقدة .

كما تظهر البيانات ان الحكومة الايرانية استمرت في تخصيص جزء كبير من ميزانيتها للإنفاق العسكري ، بهدف تعزيز قدراتها الدفاعية والإقليمية ، في عام (2024) خصص نحو نصف اجمالي ايرادات ايران من صادرات النفط والغاز ما يعادل (13) مليار دولار للإنفاق العسكري ومع تصاعد التوترات الإقليمية اقترحت الحكومة الايرانية زيادة ميزانية الدفاع بنسبة (200‎%‎) للسنة المالية المقبلة التي تبدأ في مارس عام (2025)بهدف تعزيز قدراتها العسكرية والأمنية للبلاد ، بدلاً من دعم اقتصادها المنهك .

واجهت ايران أيضاً تحديات مالية ادت الى عجز في الموازنة العامة لعام (2024) هذا العجز نجم عن تراجع الايرادات النفطية بسبب العقوبات والقيود الدولية بالإضافة إلى زيادة النفقات الحكومية ، فمن المتوقع ان يتجاوز اجمالي العجز في الموازنة العامة لعام (2024) بما في ذلك التكاليف الغير منظورة الى حوالي (20)مليار دولار ، ولا يمكننا تحديد الأرقام الدقيقة للعجز لكن التقديرات تشير إلى تفاقم الفجوة بين الإيرادات والنفقات .

ومن ابرز التحديات الاقتصادية التي تواجه ايران هي ظاهرة التضخم ، حيث شهدت ايران إرتفاعاً ملحوظاً في نسبة التضخم خلال عام (2024 ) حيث وصلت إلى مستويات قياسية تجاوزت ال(35‎%‎) هذا الارتفاع اثر سلباً على القوة الشرائية للمواطنين وزاد من تكلفة المعيشة ، بالاضافة الى ذلك تدهورت قيمة التومان الإيراني بشكل كبير جداً ، حيث انخفضت قيمته بنسبة (60‎%‎) مما جعله من أضعف العملات عالمياً . وارتفعت نسبة البطالة في ايران عام (2024) مع زيادة عدد العاطلين عن العمل نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع الاستثمارات . علما ًان معدل البطالة وصل حوالي (15‎%‎) . ومع تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والتضخم ، انخفض متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في ايران

من (6،528)دولار امريكي في سنة (22-2023) ، إلى (4،741)دولار امريكي للسنوات (23-2024). ان هذا الانخفاض يعكس مدى تدهور مستوى المعيشة وزيادة الضغوط الاقتصادية على المواطنين .

استمرّت العقوبات الدولية في فرض ضغوط كبيرة على الاقتصاد الإيراني ، مما ادى الى تقييد الوصول إلى الاسواق المالية العالمية ، وتقليص صادرات النفط ، وتراجع الاستثمارات الاجنبية ، هذه العقوبات ساهمت في تفاقم

الأزمات الاقتصادية وزيادة معدلات التضخم والبطالة . واصبح العراق المتنفس الأساسي لايران ، كون العراق شريكاً تجارياً مهماً جداً لايران ، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي (20)مليار دولار وربما اكثر من ذلك ، تتضمن الصادرات الايرانية الى العراق

مثل الغاز الطبيعي والكهرباء ، بالإضافة إلى سلع غير نفطية وخدمات فنية وهندسية ، فضلا ً عن الهيمنة على العملات الصعبة العراقية بل يمكننا القول الهيمنة على الاقتصاد العراقي كله ، هذا التعاون الاقتصادي والمالي ساعد ايران في تخفيف بعض الضغوط الناتجة عن العقوبات الدولية

كما ان هيمنة ايران على القرارات السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية لحكومات الاحتلال العراقية ساهم في صمود ايران بوجه العقوبات المفروضة عليها . كما تقدر مديونية ايران الخارجية بمبالغ كبيرة ، ووفقاً للبيانات المتاحة ،انخفض الدين الخارجي لايران الى

(5،2)مليار دولار في عام (2023)مقارنة ب(6،3)مليار دولار في عام (2022).يلاحظ ان مستوى الدين الخارجي لايران يعتبر منخفضاً بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية التي حددت قدرة ايران على الاقتراض من الأسواق المالية العالمية .

فكيف سيكون الوضع الاقتصادي في ايران لو طبقت العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي وقع عليها الرئيس ترامب والتي ستؤدي إلى خنق الاقتصاد الإيراني وتحطيمه وخاصة فيما يتعلق بالنفط وتصفير صادرات ايران منه ، ان الاقتصاد الايراني خلال الأشهر القادمة سيواجه تحديات اقتصادية خطيرة ومتزايدة خلال عام (2025) وتوترات سياسية داخلية في ايران .

و في خطوة تعكس الضغوط المتزايدة قام البرلمان الإيراني باقالة وزير المالية والاقتصاد

( السيد عبّد الناصر همتي ) بسبب تدهور قيمة العملة وارتفاع الاسعار وكذلك استقالة السيد جواد ظريف ، هذه الاحداث تشير إلى تصاعد الضغوط الحكومية وتزايد الاستياء الشعبي نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتردية وسيزداد هذا الاستياء الشعبي خلال الأسابيع القادمة لدرجة الانفجار العارم .

 

ملاحظة : ان الأرقام التي تم استخدامها مأخوذة من مصادر متاحة عبر الانترنيت ، ولكن مدى دقتها تعتمد على عوامل عديدة كون الحكومة الايرانية لاتنشر بيانات مالية دقيقة خاصة فيما يتعلق بايرادات النفط ، والإنفاق العسكري والديون الخارجية . رغم ذلك ان الأرقام تعطي فكرة عامة عن الوضع الاقتصادي الإيراني .

عمان

7/3/2025

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *